الدهون المتهم الأول في زيادة الوزن.. هل الدهون مسئولة عن زيادة الوزن؟ خبراء التغذية يجيبون

  

 




ظلت مسألة نقصان الوزن والتمتع بجسم رشيق تشغل بال الكثيرين خلال العقود الماضية، لكن الراسخ في الأذهان منذ زمن أن إنقاص الوزن مرتبط بالتخلي عن الدهون في وجباتك اليومية، فما حقيقة ذلك.


اتبعت أنظمة الحمية المختلفة منذ بداية منتصف القرن الماضي على استبعاد الدهون من الوجبات الرئيسية، وزاد الخلاف حول الراغبين في إنقاص الوزن وبين الدهون إلى أقصى درجاته باقصاءها من أي نظام غذائي خلال التسعينيات، لكن الدراسات الحديثة كان لها رأي آخر،  إذ تبين أن "استهلاك الدهون لا يسبب زيادة الوزن"، بل على العكس من ذلك تماماً، قد يساعدنا في الواقع على التخلص من بضعة كيلوجرامات.


الدهون بريئة إذا من زيادة الوزن، ولذلك فإن الأطعمة مثل الأفوكادو والزبدة والسلمون الغني والمكسرات اللذيذة يجب أن يكون لها مكان خاص في نظامك الغذائي، فإذا كنت قد قمت بحظرها من النظام الغذائي المنخفض الدهون، فقد حان الوقت لإعادتها.


الدليل على ذلك تلك الدراسات التي قارنت بين الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية منخفضة الدهون وعالية الكربوهيدرات مع الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية منخفضة الكربوهيدرات وعالية الدهون، إذ تبين الدراسات أن الأشخاص الذين يقيدون من تناول الدهون في أنظمتهم الغذائية لا يفقدون الوزن الزائد.


وبالمقابل، قد يميل الأشخاص الذين يتناولون وجبات غنية بالدهون ولكن تحتوي على نسبة منخفضة من الكربوهيدرات المكررة مثل الخبز الأبيض والأرز الأبيض إلى إنقاص الوزن والفوز بفوائد صحية أخرى أيضًا.


ويرى خبراء التغذية إلى أن العامل الرئيسي في زيادة الوزن ليس الدهون، بل السكريات والكربوهيدرات التي سريعاً ما تتحلل في الجسم إلى سكر.


الدهون آمنة تماماً

نشرت مجلة لانسيت The Lancet، دراستها التي أجريت على أكثر من 135 ألف شخص يتبعون أنظمة غذائية منخفضة الدهون ومنخفضة الكربوهيدرات في 18 دولة، وكشفت تلك الدراسة أن الوجبات الغذائية قليلة الدسم كانت أكثر ارتباطًا بالوفاة واحتمالية الإصابة بالنوبات القلبية أعلى من غيرهم، بينما كان الأشخاص الذين يتبعون حمية منخفضة الكربوهيدرات أقل عرضة للإصابة بهاتين النتيجتين.


وكتب الباحثون في الورقة البحثية "يجب إعادة النظر في الإرشادات الغذائية العالمية في ضوء تلك النتائج".


لم تكن هذه هي الدراسة الوحيدة التي تثبت ذلك، فقد لحقتها العديد من الدراسات الحديثة الأخرى التي أجريت على الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية قليلة الدسم وكانت النتائج مماثلة، كما قامت تجربة استمرت 8 سنوات شملت ما يقرب من 50 ألف سيدة بوضع نصفهن تقريبًا على نظام غذائي منخفض الدهون، ووجدت أن هؤلاء النساء لم يلحظن أي انخفاض في خطر الإصابة بسرطان الثدي أو سرطان القولون والمستقيم أو أمراض القلب، بالإضافة إلى أنهم لم يفقدن الكثير من الوزن.


ما الذي يحدث إذا توقفت عن تناول الدهون؟

الأدلة المؤيدة لاتباع نظام غذائي قليل الدسم ضعيفة للغاية، في حين أن الأدلة على فوائد بعض الدهون كثيرة.


حيث يشير خبراء التغذية أن الدهون الصحية ضرورية لحركة الدم والعضلات، فهي عنصر مطلوب لبناء أغشية الخلايا، وهي بمثابة الأصداف التي تأوي كل خلية بالجسم، بالإضافة إلى أنها الدروع الواقية حول الأعصاب، كما تساعد الدهون على امتصاص الفيتامينات والمعادن من الأطعمة التي نتناولها.


وعندما لا نتناول الدهون، فإننا نميل إلى تناول المزيد من الكربوهيدرات المكررة والسكر، وكلاهما مرتبط بشدة بزيادة الوزن والسمنة ومشكلات صحية أخرى.


كما أن الإفراط في تناول أي عناصر غذائية تتضمن الدهون أو البروتينات أو الكربوهيدرات يزيد من خطر زيادة الوزن، لكن "الدهون في حد ذاتها ليست شيئًا من شأنه أن يجعلك بدينًا".


إذا من أين يأتي هذا المفهوم الخاطئ المرتبط بالدهون، "يمكن أن تكون الدهون مادة مغذية مخيفة جدًا" لأولئك الذين يحسبون السعرات الحرارية، لأنها أكثر كثافة في السعرات الحرارية، إذ يحتوي جرام واحد من الدهون على 9 سعرات حرارية، مقارنة بـ4 سعرات حرارية لكل جرام من البروتين و4 سعرات حرارية لكل جرام من الكربوهيدرات.


قد يربط الناس أيضًا الدهون بالمزيد من الأطعمة اللذيذة، مثل الزبدة وشرائح اللحم إلى جانب الاعتقاد الخاطئ بأن جميع الدهون غير صحية.


كما أن هناك ارتباطا بسيطا بأن تناول الدهون قد يؤدي ببساطة إلى تكوين دهون في الجسم، وهذا ليس هو الحال بالضرورة؛ فمن المحتمل أن تكتسب وزناً إذا تناولت أطعمة مصنعة أو غير صحية أو تناولت وجبة دسمة باستمرار، لكن الدهون وحدها لا تؤدي بطبيعتها إلى زيادة الوزن.


ما هي البدائل الصحية؟

تمكن العديد من مرضى السمنة من إنقاص الوزن في الأنظمة الغذائية الغنية بالدهون، غالبًا لأنهم يستبدلون الكربوهيدرات والسكريات المكررة بالدهون الصحية مثل تناول وجبات خفيفة من المكسرات بدلاً من المعجنات.


وتجدر الإشارة أن الدهون يصعب هضمها أكثر من العناصر الغذائية الأخرى، مثل الكربوهيدرات،  هذا يعني أنها تستغرق وقتًا أطول للتنقل عبر الجهاز الهضمي، مما يساعدك على البقاء ممتلئًا لفترة أطول ومن ثم تقلل الرغبة الشديدة في تناول الوجبات الخفيفة.


كما تعمل الدهون على زيادة التمثيل الغذائي للسبب نفسه، إذ يحتاج جسمك إلى مزيد من الطاقة (أو حرق المزيد من السعرات الحرارية) لهضمها.


ما هي كمية الدهون المثالية؟

ربما تتسائل الآن كم كمية الدهون التي يجب أن تأكلها؟ يتوقف ذلك على جسمك ونشاطك وصحتك بصفة عامة، لكن الأكيد أنه يجب ألا تزيد الدهون عن نسبة 30% من وجباتك اليومية، بجانب الالتزام بالدهون الصحية قدر الإمكان، بما في ذلك الأفوكادو والمكسرات وزيت الزيتون والأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون.


لذلك لا تحتاج إلى عدم تناول الدهون لفقدان الوزن أو ببساطة البقاء بصحة جيدة، إن الحفاظ على مصادر الدهون الصحية كجزء من نظامك الغذائي المعتاد، المتوازن بالكربوهيدرات والكثير من البروتين، هو أفضل طريقة للتخلص من الدهون. 

 

المصدر : استشارة طبية


إرسال تعليق (0)
أحدث أقدم